محمد بن سلمان وإسرائيل أولاً

11

علي ابراهيم مطر

من واشنطن أعلن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي استعداده توقيع سلام مع كيان العدو الإسرائيلي، فكلل زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية بتقديم رؤيته عن ضرورة العلاقة مع "اسرائيل" بشكل وإن لم يفاجئ في المضمون إلا أنه كان مفاجئاً في التوقيت.

كلل محمد بن سلمان زيارته إلى أميركا بالعديد من المحطات، التي كان أبرزها تأكيده وجود مصالح مشتركة مع "تل ابيب". لا شأن لنا هنا بما توصل إليه محمد بن سلمان من صفقات واتفاقات اقتصادية في دونالد ترامب، وإن كان ذلك على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للأخير الذي ينظر إلى السعودية على أنها البنك المركزي الذي لا ينضب من الأموال، والذي يجد فيه دونالد المكان الأنسب لجني الأرباح، فيما يجد فيه ابن سلمان الخيار الأنسب للحفاظ على السلطة من خلال الحماية الأميركية.

يشكل إعلان محمد بن سلمان عن المصالح المشتركة مع الكيان الصهيوني، قضية صادقة بالنسبة لرجل يسعى منذ فترة للتوصل إلى بناء اتفاق سلام مع الكيان الغاصب، وهو يتحدث عما يريده النظام السعودي بكامل أركانه، حيث ينزل التصريح بالقبول بـ"إسرائيل" كشريك استراتيجي واعتبار أن هناك "الكثير من المصالح المشتركة مع إسرائيل وسيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي ودول كمصر والأردن" كالصاعقة على الفلسطينيين والشرفاء من الشعوب العربية، لا سيما أن ابن سلمان الذي غازل "إسرائيل" بأن لديها "اقتصاداً كبيراً مقارنة بحجمها، وهو اقتصاد متنام" يريد أن يدخل من البوابة الاقتصادية لتشريع علاقته بالكيان.

لقد نحا ابن سلمان منحى خطيراً بالاعتراف بـ"اسرائيل" وأن لها الحق في الوجود على الأرض الفلسطينية، لكن يشكل في المقابل رضاً تام للأميركي. ولم يفاجئ ابن سلمان المتابعين لحركته ومشواره التطبيعي مع "إسرائيل"، إنما فاجأ بتوقيت الإعلان بشكل صريح لأول مرة بأن السعودية ستصبح الشريك الأبرز لـ"إسرائيل" في المنطقة.

وكما رأينا، لقد قدم ابن سلمان رؤية للتطبيع مع العدو الصهيوني، لم يقدمها حتى من قام من رؤساء بعقد اتفاقات مع الكيان الصهيوني وعلى رأسهم أنور السادت، فابن سلمان الذي لا يرى مشكلة مع الصهانية متحمس جداً لعقد سلام مع الكيان الإسرائيلي، وهو إذ أسقط القضية الفلسطينية من قاموسه فإنه سوف يقدم للصهاينة ما يريدونه على طبق من ذهب، ليفتح الباب من خلال تطبيعه مع العدو لعلاقات بين "اسرائيل" ودول مجلس التعاون الخليجي.

يبني ابن سلمان خلافات مع العرب والمسلمين، فيما يبني لرؤية تجمعه مع الكيان الإسرائيلي، هكذا لا يبالي بكل تاريخ فلسطين، ولا يبالي بمقدساتها التي يقدمها للصهاينة بالاتفاق مع الإدارة الأميركية للوصول إلى كرسي العرش والحفاظ على السلطة التي لطالما قتل أجداده من أجلها الاف المسلمين وأراقوا دماءهم.

منذ أن أصبح ولياً العهد بات واضحاً أن ابن سلمان يسير نحو التطبيع، فحركة السعودية بكل قياداتها وإعلامها أصبحت تواكب كل ما يتعلق بالعدو الإسرائيلي، وتعمل على كي الوعي السعودي والعربي من أجل إعلان الشراكة مع "إسرائيل"، إلى أن أعلنها محمد بن سلمان صراحةً من واشنطن، ليعطي رسائل متعددة تقوم على أن كل ما تريده الإدارة الأميركية مستعد ابن سلمان لتنفيذه، وأن أمن "إسرائيل" أصبح من أمن السعودية، وبالتالي فإن المصالح المشتركة تدعو لقيام شراكة وتعاون وبناء سلام بين الطرفين بمساع مباشرة من ولي العهد السعودي. وفق ذلك يبدو أن ابن سلمان ذاهب نحو إعلان سلام مع "إسرائيل" وبالتالي لن تكون فلسطين أولاً بل "إسرائيل" أولاً.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.