“ترانسـفير” واشــنطن.. “داعــش” من شــرق الفــرات الى الـغـــوطــة !!

9

فؤاد الوادي

 

فيما بدا أنه استمرار لنهج الإرهاب وتنفيذ للأجندة الأميركية ومنع للمدنيين الذين تحاصرهم وتحتجزهم وحوش الإرهاب الخروج من الغوطة، قامت التنظيمات الإرهابية أمس باستهداف الممرات الآمنة التي هيأتها دمشق لاستقبال المدنيين الفارين من جحيم التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية، ليتأكد مع هذا التصعيد الجديد نيات وأهداف وأدوار تلك المجموعات في خدمة الأجندة الأميركية التي لا تزال تسعى لتدمير وتقسيم سورية.‏

صحيح أن الممرات الإنسانية التي قصفها الإرهابيون بالأمس لم يمر منها وعبرها أي مدني محتجز من قبل وحوش الغوطة، إلا أن المشهد كان كافيا ليكشف الهدف الحقيقي للمشروع الأميركي، وهو تقسيم سورية وتدميرها واحتلالها بالقواعد الأميركية.‏

وهذا الأمر أضحى واضحا ومعلنا ولا يحتاج إلى أدلة وبراهين في ظل المعلومات التي تتكشف تباعا عن الهدف الحقيقي للولايات المتحدة في سورية والمنطقة والتي كان آخرها ما يتعلق بما كشفته صحيفة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر بتاريخ 22 الجاري، عن برقية دبلوماسية حصلت عليها صادرة عن سفارة بريطانيا في واشنطن توجز الإستراتيجية الأميركية للوصول إلى تقسيم سورية كما عرضها ديفيد ساترفيلد نائب وزير الخارجية الأميركي خلال اجتماع عقده في واشنطن في الحادي عشر من الشهر الماضي حضره ممثلون عما تسمى بـ (مجموعة سورية)، وتشير الوثيقة لخطة تقوم على خمسة بنود هي: تقسيم سورية، تخريب سوتشي، استيعاب تركيا وتجنب التصعيد معها، العودة إلى جنيف، العمل على تسويق الورقة الأميركية المقدمة في مؤتمر فيينا الأخير بشأن الحل السياسي في سورية.‏

الأهم في الممرات الإنسانية التي هيأت لها دمشق كل أسباب النجاح عندما حضّرت لها كل المستلزمات اللوجستية لضمان أقصى درجات النجاح وعندما وافقت على أن تكون بشكل يومي من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الواحدة بعد الظهر ولمدة شهر كامل، الأهم أنها لم تكشف وحشية التنظيمات الإرهابية، بقدر ما أنها جاءت لتؤكد الأجندات الحقيقية للدول الداعمة للإرهابيين، خصوصا تلك التي تدعي الخوف والحرص على حياة وأرواح المدنيين وتحديدا الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الذين كانوا نجوم المسرحية الاستعراضية الأخيرة في مجلس الأمن رغم غياب الإثارة والتشويق وحضور الخداع والكذب والزيف الممجوج.‏

من هنا تكتسب (مبادرة) الممرات الآمنة التي اقترحتها موسكو ووافقت عليها دمشق أهميتها كونها كانت بمثابة بالون اختبار لكل أولئك الذين لايزالون يذرفون خارج سياق الواقع دموع التماسيح على المدنيين الذين تحتجزهم التنظيمات الإرهابية في الغوطة، بغية استخدامهم كدروع بشرية في مواجهة الجيش العربي السوري، وكذلك بغية استخدامهم كدريئة إنسانية يختبئون خلفها في كل مرة يتقدم الجيش العربي السوري لاستئصالهم واجتثاثهم.‏

ضمن هذا السياق يظهر الهدف الأميركي من وراء استمرار واشنطن لسياسة التصعيد والتعطيل وتحديدا في ملف الغوطة الشرقية، وهو الإبقاء على الخاصرة الدمشقية نازفة بهدف الاستثمار في كل مساحات وهوامش الابتزاز التي تخلقها المتغيرات والتحولات المتدحرجة على كافة الملفات، خصوصا في ظل معلومات متواترة عن تحضير الولايات المتحدة لنقل إرهابيين من تنظيم داعش الإرهابي من شرق الفرات إلى الغوطة الشرقية.‏

عطفاً على ما سبق فإن الولايات المتحدة تحاول فرض أجندتها بقوة الأمر الواقع, وربما هذا يفسر ويشرح محاولاتها المتكررة التي كان مصيرها الفشل دوماً في التموضع والسيطرة على مناطق في الشمال والشرق السوري، وهذا أيضا من شأنه أن يفتح بطريقة أو بأخرى نافذة تطل على ملف الغوطة بعناوينه وتفاصيله وتعقيداته التي تسهم الأخيرة في دحرجتها ومضاعفتها الى حدود لا ينفع فيها بحسب ماتطمح وتأمل إلا وصفة الحلول السحرية الجاهزة التي تواكب وتحاكي أهدافها و التي خبأتها في الأدراج انتظارا لتلك اللحظة التي تنتظرها بفارغ الصبر.‏

كل المحاولات الأميركية السابقة لتغيير الواقع أو على الأقل الإبقاء على الأوضاع الراهنة كما هي عليه، باءت بالفشل بفعل عوامل الصمود الصلبة الموجودة عند دمشق وحلفائها، وهذا يؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد قدرَ المنطقة ومصيرها الوحيد، وبالتالي فإن الحديث عن هزيمة المشروع الأميركي في سورية والمنطقة بأبعاده وأهدافه الواسعة والمتشعبة بات أمراً منطقياً وموضوعياً وحقيقياً وعلى بعد خطوات ، وهذا ليس سريالياً أو استعراضياً، كما يحلو للبعض أن يتشدق ويهرطق به وخاصة أولئك الذين لمّا يؤمنوا بعد بحقائق التاريخ والجغرافيا وإرادة الشعوب.‏

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.