ميونيخ يرسخ الجدران… ونتنياهو ينوح على تخوم الغوطة الشرقية

14

عزة شتيوي

على منصة الدجال كولن باول وقف نتنياهو ليكمل المسرحية مستبدلاً «راكور» الزجاجة الكيماوية التي أحرقت العراق بخردة معدنية وراح يصرخ من ميونيخ وينوح ليُدين إيران!!

ويشبع الحضور العربي بغريزة الثأر الجاهلي، فهاج الجبير السعودي في الاستعراض على مبدأ الحماسة لكثرة التلويح بقماشة الخطاب الإسرائيلي وراح ينطح بالتصعيد في المنطقة بما لايحمل الرأس الخليجي المرتجّ بالخلاف الداخلي والهزيمة مابين اليمن وسورية، فالتقط الظريف الإيراني المشهد في ميونيخ وأوجزه بعبارة نصبوا مؤتمر الأمن العالمي في خيمة سيرك هزلي.‏

ماجرى في ميونيخ التي تأتمر لأمن العالم زاد الشرخ ورسخ.. أن الحروب العالمية لم تبرح مكانها بل زاد في جدرانها مايؤسس لانشقاق الحلفاء، ولأنها برلين اختبرت حتى اليقين بأن القطبية الأميركية وصلت حد الانهيار فقررت أن تبني حائطها وسط حلف الناتو لتقسم الأطلسي بسكين التركي، وتستقل بالدور الأوروبي في المنطقة بعيداً عن الحبل الأميركي الجرار الى مزيد من الخروج عن التغطية وخاصة في الملف السوري.‏

اذاً هي الفدرلة تتسلل الى الناتو قبل أن تحلم بها واشنطن في شرق الفرات السوري، ومن عمق المشهد المرئي في ميونيخ يصرخ وزير الخارجية الأسبق جون كيري في وجه خلفه تيلرسون.. أن لاتمزقوا الاتفاق النووي مع إيران، ويطرح البدائل باختراق طهران من حقوق الانسان.. علّه يؤجل بما يعجل به ترامب من حماقة المواجهة المباشرة، التي لاتقوى عليها إسرائيل ولا تملك توقيتها واشنطن الخارجة من الهزائم الإرهابية لتلاقي المواجهة النووية من إيران إلى روسيا وحتى كوريا الشمالية.‏

لم تنجح زيارة ريكس تيلرسون الى المنطقة قبل مؤتمر ميونيخ في ترميم صدع التحالف الأميركي وإن اشترت واشنطن موقف الغضب التجاري لنقل السفارة إلى إسرائيل من الأردن وقايضته بالدولار وحضانة المملكة الهاشمية «للمعارضة» السورية وربتت على كتف أردوغان العثماني.. فالواضح أن السلطان أجّر كتفه الآخر للجزء الأوروبي وأعار رأسه وأذنيه إلى التحذير الروسي من بقاء واشنطن في سورية على حدود الحلم الكردي والثروات النفطية.‏

لم ينجح تيلرسون ولم يوفق العالم كله في ميونيخ سوى بزيادة الصدع الأمني، بل زاد الطينة الأميركية بلة أن منصة الخلافات الخليجية التي فشل مهرجان عبد العزيز للإبل في فك اشتباكاتها جاءت قوافل متناحرة الى ميونيخ هي الأخرى ليسمع ضرب «العكل» من تحت الياقات الدبلوماسية لوفود الخليج.‏

هي الحرب العالمية الثالثة تبحث عن بدائل اندلاعها لتغادر روسيا ميونيخ الى فالداي علّها تخفف من وهج الحرارة السياسية التي تكاد تنضج الحرب، كما خرجت ودمشق قبل ذلك من جنيف لتصنعا في سوتشي لغة سورية حوارية صرفة.. فموسكو وسط هذا الضجيج العالمي باتت تبحث عن منصات أخرى غير مصادرة غربياً لإدارة الأزمات ووأد الحروب ولعلّها تنجح بما تصبو إليه في منظومة نورماندي.. بينما تغرق واشنطن في تحسين سمعة الـ(F 35) بعد أن حطمتها سورية أما نحن السوريين فسياستنا تعطي للسلام ماهو للسلام.. أما الميدان فله الغوطة الشرقية هذه الأيام.‏

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.