المظاهرات في إيران: لماذا بدأت ولماذا انتهت بسرعة؟

37

أ. د . احمد القطامين

اخطأت الاطراف التي ابتهجت باعمال الاحتجاج التي شهدتها ايران خلال الاسبوع الماضي باعتقادها ان المظاهرات تمنحها فرصة نادرة للتدخل وزعزعة النظام الحاكم في ايران. يعود هذا الخطأ في الحسابات الى اعتقاد تلك الاطراف ان الاحتجاجات الحالية هي امتداد لاحتجاجات عام 2009 ومن الممكن استخدام نفس الاساليب في تأجيجها التي استخدمت في ذلك العام مع ان الفرق بين الحالتين واضح تماما، فاحتجاجات عام 2009 قام بها الجناح الاصلاحي في النظام ضد الجناح المحافظ في نفس النظام احتجاجا على انتخاب احمدي نجاد لولاية رئاسية ثانية وشاركت فيها جماهير واسعة وصلت احيانا الى الملايين بينما الاحتجاجات الحالية كانت محدودة العدد وقامت على خلفية رفع مقترح لرفع اسعار المشتقات النفطية ومطالب اقتصادية تخللها رفع شعارات سياسية محدودة ويعتقد بعض المراقبين ان الشعارات السياسية وبعض اعمال اطلاق النار كانت قد تمت من قبل اطراف مدسوسة من قبل منظمات اجنبية معادية.

باختصار هناك مجموعة عوامل ادت الى اضعاف ومن ثم الانتهاء العملي للاحتجاجات في ايران:

فما ان اندلعت اعمال الاحتجاج الحالية في ايران حتى بادر الرئيس الامريكي ترامب الى استخدام منصة توتر للتواصل الاجتماعي للاعراب عن دعمه المطلق لها، مما القى بظلال من الشك والريبة حولها حتى عند الايرانين المشاركين فيها الذين شرعو بمغادرة الشوارع والعودة الى بيوتهم نظرا لكراهيتهم القوية لترامب كما هي حال كل الشعوب والامم حول العالم ما عدا اسرائيل بالطبع  وذلك بسبب سمعة ترامب غير الطيبة حول العالم وسلوكه الغريب في ادارة شؤون امريكا داخليا وخارجيا. وهذا مثل العامل الاول الذي ادى الى فشل تلك المظاهرات.

اما العامل الثاني الذي اضعف عزيمة المشاركين في الاحتجاجات فكانت تصريحات رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو الذي غرد هو الآخر انه يبارك الاحتجاجات وقال مخاطبا المتظاهرين انه بمجرد ان تسقطوا النظام فسنعود نحن وانتم اصدقاء مجددا.. حيث من المعروف ان الايرانيين اكثر الشعوب الاسلامية كراهية لاسرائيل وسعيا لمواجتها واكثر الدول دعما لقوى المقاومة الفلسطينية والعربية ضد اسرائيل.

اما العامل الثالث الذي ادى ضعف اعمال الاحتجاج التدريجي ومن ثم الى انتهائها عمليا فكانت اللهجة التي استخدمتها الحكومة الايرانية التي اعترفت بصعوبة الاوضاع الاقتصادية في البلاد واعلنت عن تراجعها عن قرارات كانت ستطبق قريبا تشمل رفع اسعار المشتقات النفطية وفرض بعض الضرائب الجديدة المتفرقة.

مما سبق نستنتج ان الحكومة الايرانية تمكنت بحكمة من مواجهة ما كان من الممكن ان يكون مدخلا خطيرا لادخال البلاد في مسار يقودها الى حالة من الفوضى والتفكك نظرا لخطورة المرحلة التي تمر بها العلاقات الامريكية الايرانية حيث وضع ترامب على رأس اولويات ادارته التصدي لايران واضعافها بكل الطرق الممكنة بالاضافة الى المشاكل الاقليمية المعروفة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.