الأسد وبوتين.. عناق النصر والتسوية

36

ابراهيم شير

احتضان روسي واضح للازمة السورية هذا ما يمكن استنتاجه من زيارة الرئيس السوري بشار الاسد المفاجئة الى منتجع سوتشي ولقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في وقت اي خطوة فيه قد تنهي حربا او تشعل المنطقة بمن فيها.. اللقاء بالاضافة الى انه كان مفاجئا صادما للجميع، وكان لقاءا حميميا ايضا، حيث ان الزعيمين بينهما صداقة طويلة فالرئيسان تسلما الحكم في نفس العام 2000 وقدمت دمشق وقتها مساعدة مخابراتية مهمة لموسكو في حربها ضد الارهاب في الشيشان، بالاضافة الى ان سوريا في عهد الرئيس بشار الاسد كانت من الدول القليلة التي ساندت روسيا عام 2008 بحربها في جورجيا، والتي نشبت على خلفية ازمة أوسيتيا الجنوبية. وبحسب ما اكدت مصادر مطلعة فأن الرئيس بوتين يكن للرئيس الاسد كل الحب والاحترام وهو ما يفسر الاحتضان بين الجانبين في بداية اللقاء وفي نهايته.

هذا الاجتماع لم يكن استعراضيا ابدا، واهميته لا تكمن في انه لقاء تشاوري مع زعيم يخوض حربا ارهابية عمرها نحو سبعة اعوام ومفروض على بلاده حصار شبه كامل، الا انه جاء ايضا بعد محادثة مطولة اجراها بوتين مع امير قطر تميم بن حمد آل ثاني، تناول الازمة السورية بكل تفاصيلها وعلى رأسها الرئيس الاسد، بالاضافة الى انه كان عشية لقاء ثلاثي يجمع قادة روسيا وايران وتركيا في سوتشي ايضا، وبعد استقالات بالجملة لمعارضين دأبوا على رفع شعار الرحيل للرئيس السوري، وكانت استقالاتهم محل ترحيب روسي على لسان رأس الدبلوماسية في موسكو سيرغي لافروف. هذه الامور تحمل اللقاء ابعادا اكبر من المشاورات العسكرية او العملية السياسية باطارها الواسع.

اللقاء يسبق اجتماع سوتشي للمعارضة السورية، وقلنا في مقالة سابقة بهذه الصحيفة “الراي اليوم” ان ما الفائدة من اجتماع للمعارضة السورية وجلها يعمل في دمشق حيث ان وزارة الخارجية الروسية وجهت الدعوة لـ33 حزبا وتيارا 20 منها يعملون داخل سوريا، وخرج المقال بأستنتاج بأن اي عمل سياسي يستثني اللاعبين المهمين في الازمة السورية لن يكون ناجحا. وفعلا عملت موسكو الان على جمع اللاعبين الرئيسين ووضع الخطوط العريضة لانهاء الازمة بطريقة قد ترضي الجميع على قاعدة ان لا غالب ولا مغلوب، فاولا ساهمت في تظهير معارضة علمانية بعيدة عن التطرف ترضي الغرب ودمشق في وقت واحد. وثانيا تعمل على اختطاف الاكراد من الحضن الاميركي وجعلهم يجلسون على طاولة الحوار ونزع تهديدهم لدمشق ولمن هو خارج الحدود. وهذا الامر سيؤدي بطبيعة الحال الى صفقة تاريخية مع تركيا باستبدال رأس الرعب الكردي، برأس الاخوان المسلمين في سوريا، والتخلي عن مطلب انقرة بمشاركة الاخوان في حكم سوريا.

زيارة الرئيس الاسد هذه المرة الى روسيا ليست كما كانت قبل عامين فمن يعود بالذاكرة الى تلك الزيارة، يتذكر ان وكالة الانباء السورية نقلت خبر عودة الرئيس الاسد من موسكو، ولكن هذه المرة لم يكن هناك اي خبر عن العودة، ما يجعلنا نفكر هل بقي في سوتشي وهل هناك خطة روسية لاجراء مصالحة كبرى في المنطقة؟

هذا اللقاء لم يكن تحييدا للولايات المتحدة، كما اشاع البعض، فبعده اجرى بوتين اتصالا مع نظيره الاميركي دونالد ترامب، ووصف الاتصال بالمطول حيث استمر لاكثر من ساعة، وتناول الازمة السورية بكل تفاصيلها وبالتأكيد تناول لقاءه مع الرئيس الاسد.

العناق الروسي السوري كان عناق المنتصرين في الحرب على الارهاب، ولكن السؤال: هذه التسوية السياسية الى اين ستذهب بدمشق والمنطقة برمتها؟

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.