ايران ترسم خطوط الشرق الاوسط الجديد… كيف ولماذا؟

28

شبكة الاعلام المقاوم/ تقرير

 

الاوضاع المتوترة بين الجمهورية الاسلامية والولايات المتحدة الامريكية تزداد حدتها يوما بعد اخر، وتصل الى حافة الحرب مع تصاعد الموجة العدائية التي يشنها سيد البيت الابيض المهووس بالحرب دونالد ترامب، والذي شن هجوما لاذعا على الجمهورية الاسلامية وحرس الثورة بالتحديد، ووصفه بانه "الداعم الاول للارهاب" بحسب زعمه، متناسيا دور هذه القوات في الدفاع عن الحكومات الشرعية في سوريا والعراق، وطردها الجماعات الاجرامية المدعومة من امريكا والكيان الصهيوني.

ولان الجمهورية الاسلامية لا تملك في قاموسها تعريفا للاستسلام، بدا على طهران استعدادها لكل الخيارات وكيف لا وهي التي اعتادت على لغة التهديدات الامريكية الجوفاء منذ بزوغ شمس الثورة على يد الامام الخميني وتآمر الدول الغربية لدعم نظام الرئيس العراقي المقبور صدام لشن الحرب المفروضة في ثمانينيات القرن الماضي.

المتابعون للشان الايراني اكدوا مرارا ان طهران تدير استراتيجيتها بشكل مستقل وهي تملك مروحة كبيرة من الخيارات مع توسع قوتها التي يدعها استقرار النظام السياسي والدعم الشعبي الواسع ليس في داخل البلاد فحسب بل لدى الشعوب المقاومة في المنطقة ايضا، لذلك جاء الرد وفق الواقع الجديد في الشرق الاوسط، اذ بدأ مستشار قائد الثورة الاسلامية للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي، ينسج خطوط المصالح الايرانية في المنطقة بهدوء.

 

ممنوع على الغرب الاقتراب من "اتحاد المقاومة"

ولايتي استخدم مصطلحا جديدا في الادبيات الدبلوماسية الايراني واكد، اليوم الثلاثاء، ان طهران تتشارك مع دول المنطقة في اطار "اتحاد المقاومة"، محذرا الغرب من التجاوز على دول الشرق الاوسط، وقال خلال مؤتمر صحفي، في طهران، ان حضور الجمهورية الاسلامية في سوريا والعراق يحمل طابعا "استشاريا"، وجاء بطلب من حكومتي البلدين الشرعيتين.

وحذر الدول الغربية من التعدي على المنطقة معتبرا انه "لا حق للأوروبيين والأمريكيين بامتلاك نفوذ في المنطقة"، وقال: "لم يدع أحد الأوروبيين (والأمريكيين) للتدخل في منطقتنا، والتعاون الإقليمي من حق إيران، ومثلما لدى الأوروبيين اتحاد أوروبي، شكلنا في المنطقة اتحادا للمقاومة.. أوجدنا محور مقاومة، يبدأ من طهران ويعبر بغداد ودمشق ولبنان إلى فلسطين".

وأضاف: "من حق دول محور المقاومة أن تتعاون فيما بينها، ولن تسمح لأحد بالتدخل في شؤونها". وأوضح أنه "كما امتلكت أمريكا قواعد بحرية لها للحفاظ على نفسها في الخليج، تملك الجمهورية الاسلامية عبر دعم محور المقاومة قواعد محكمة في حديقة الكيان الصهيوني الخلفية، وذلك من أجل حماية حدودها أمام تهديدات هذا الكيان".

 

حدود "اتحاد المقاومة" الجديدة

وتاتي تصريحات ولايتي هذه تطويرا لما قاله خلال مؤتمر صحفي، أمس الاثنين، عندما لفت إلى أن "إيران رسمت خطوط حدودها على بعد مئات الكيلومترات من حدودها (الجغرافية).

وجاء ذلك في اطار تعليقه هزيمة الانفصاليين الاكراد في كركوك المدعومين من كيان العدو الصهيوني، واكد ان الرد العراقي افشل المؤامرة الصهيونية شمال العراق، مبينا ان الجمهورية الاسلامية لديها وسائل عدة لردع الكيان الصهيوني عبر دعم محور المقاومة.

وقال ولايتي خلال حضوره مراسم ازاحة الستار عن المنظومة الفكرية لقائد الثورة الاسلامية، ان "هدف البارزاني ومن خلفه الكيان الصهيوني كان السيطرة على آبار نفط كركوك لصالح الكيان الصهيوني، قائلا: منذ سنوات ولم ترفع اي اقلية او مجموعة علم الكيان الصهيوني في المنطقة مثلما رفعها الانفصاليون الاكراد". مبينا ان هذه المسألة تبدو خطيرة جدا بالنسبة للامن الاقليمي لكن المؤامرة انتهت عبر قوة الحكومة العراقية.

واشار ولايتي الى ان رفع العلم الصهيوني في اقليم شمال العراق يدل على ان حالة الانفصال ستولد حدودا للكيان الصهيوني مع الجمهورية الاسلامية، لكنه شدد على ان ايران رسمت خطوط حدودها على بعد مئات الكيلومترات من حدودها. في اشارة الى قواعد الاشتباك الجديدة التي وضعتها طهران للتعامل مع العداء الغربي المتزايد ضد محور المقاومة.

واستطرد مستشار قائد الثورة الاسلامية للشؤون الدولية، "كما تملك امريكا قواعد بحرية لها للحفاظ على نفسها في الخليج الفارسي؛ تملك ايران عبر دعم محور المقاومة قواعد محكمة في حديقة الكيان الصهيوني الخلفية وذلك من اجل حماية حدودها امام تهديدات هذا الكيان، موضحا ان هدف ايران هو تقوية دول محور المقاومة امام نفوذ القوى الغربية".

 

ما هي ملامح "اتحاد المقاومة"

قد يظن البعض ان الجمهورية الاسلامية تخاطر في تصعيد العلاقة مع ادارة الرئيس الامريكي المهووس بعداء طهران، لكنها تعرف انه ليس الا رجل قليل الخبرة في السياسة الدولية ويجهل شؤون الحرب، وتهوره يجعل بلاده لقمة سائغة للجهورية الاسلامية لتفرض شروطها على المجتمع الدولي، إذ اظهرت الازمة الحالية ايران على انها اكثر اتزانا من خصمها الامريكي لا سيما مع وحدة الموقف بين القيادة السياسية والعسكرية.

ويمكن للمتابع ان يرى حجم القوة الايرانية وحاجتها الفعلية "لاتحاد المقاومة" الذي يبدو ان هيكله متكامل على مستوى الحدود الجغرافية ولا يحتاج الا الاعلان عنه، اذ تمتد حدوده من العراق وسوريا الى حدود الكيان الصهيوني، وهو قادر على ضرب أي نقطة في الاراضي المحتلة، او القواعد الامريكية في المنطقة، ما يجعل أي اعتداء امريكي صهيوني امرا شبه مستحيل.

اما على المستوى العسكري والقدرات التسليحية فحزب الله يقف في جنوب لبنان بصورايخه التي تزيد عن عشرات الالاف بحسب تقديرات العدو الصهيوني وهي قادرة على تحويل دولة الاحتلال الى كتلة من النار تذوب فيها احلام هذا الكيان الغاصب، وبعد سبع سنوات من المؤامرة على سوريا ها هو "اتحاد المقاومة" يثبت اقدامه قرب الجولان المحتل ما جعل مسؤولي الكيان الصهيوني يطلبون العون ليس لاسقاط سوريا ولا طرد الجمهورية الاسلامية بل لمنع تثبيت منصات الصواريخ الذكية قرب الحدود.

وفي العراق تقف فصائل المقاومة كقوة متنامية شهدت لها السنوات الاخيرة كيف هزمت القوات الامريكية المحتلة، وتمثل كتائب حزب الله حجر الزاورية مع الفصائل الاخرى في الدفاع عن العراق، والتي اوجدت اسلوبا جديدا في التعامل مع المحتل من خلال الاعتماد على القدرات التسليحية المحلية، واستخدمت الصواريخ التي تنتجها كتائب حزب الله من قبل فصائل المقاومة الاخرى وحتى القوات العراقية في الحرب ضد جماعة داعش الاجرامية.

وعلى مستوى القدرات الصاروخية البالسيتية  فحرس الثورة الاسلامية قد اخذ على عاتقه مهمة انتاج وتطوير منظومات الصواريخ بمختلف انواعها، وقيادته ترفض الاملاءات الامريكية بشكل قاطع، إذ اكد قائد القوات الجوية في حرس الثورة الاسلامية، اللواء أمير علي حاجي زاده،  إن الجمهورية الاسلامية لن تتوقف عن إنتاج الصواريخ حتى ولو أحيطت من كل الجهات، وقال ان "العداء الأمريكي قضية استراتيجية ولن تتغير، والتكتيكات تتغير لكن العدو لا يتغير".

وشدد على موقف حرس الثورة في الدفاع عن مصالح البلاد بعيدا عن الجعجعة الامريكية، قائلا أن "الحرس الثوري وبوصفه المدافع عن الشعب الإيراني لن يخدع من قبل الأعداء وسيعزز من قدراته يوما بعد يوم".

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.